طرابلس-ليبيا
أقامت مؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي الخيرية الندوة التّكريميّة الأولى، والتي اختارت فيها الأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران – رئيسِ مَجْمَعِ اللغةِ العربية، المؤلِّفِ والمؤرِّخِ والأديب، الذي أثْرَى المكتبةَ الليبيةَ خلالَ نصفِ قرنٍ بمؤلَّفاتهِ وتحقيقاتهِ العديدة- شخصية لهذه النّدوة تحت عنوان: الدكتور محمد مسعود جبران أديباً ومؤرّخاً.
افتتحت الندوة بكلمة رئيس اللّجنة التحضيرية الأستاذ محمود المهدي الغتمي، والتي عبر من خلالها على أنه من شيم الوفاء لأهل العلم أن نَذكُرَهُم بما صنعوا وقدّموا لهذا الوطن، فقد وهب الدكتور محمد جبران زهرةَ شبابهِ في مهنةِ التعليمِ في مراحلهِ المختلفة، ثم استهوى الكتابة والتأليف، ووجد لذة العلم فيهما، مرهقاً فيهما نفسه، وعَازِفاً عن بهارج الدنيا، وزينةِ الأموال، فلم تُغره المناصب العليا، والتي كان أقدر على توليها من غيره، لإمكانياته العلمية، إلّا أنه اختار طريقَ العلمِ، وما أصعبه من طريق، لما يتطلبه من صبرٍ وجَلَد، وعملٍ ومثابرة، فكان فيه فارساً لا يُشق له غبار، وكاتباً من أكبر كُتّاب ليبيا المعاصرين، وقد تشرّفنا بالاستفادة من عِلمهِ، وتأثرنا بخلقهِ الرفيع، وتواضعهِ الجم، وهُدُوِئهِ الجذَّاب.
وذكرَ أنه بالتواصل مع العديدِ من أصدقائهِ وزملائهِ في الداخلِ والخارج، وطُلابه السابقين، بخصوص الندوة، رحبوا وباركوا هذه الجهودَ المحمودة، وكانت المُحصّلةُ مجموعة من الشهاداتِ والبُحوثِ المُهداة، إلى أستاذِنا الدكتور محمد مسعود جبران، كما أضاف بأنه ” نَعِدُ بجمع هذه الشهادات والبحوث المهداة في كتابٍ يصدُر ضمنَ منشوراتِ المؤسسةِ آخرَ هذا العام، وهذا أقلّ ما يمكن أن نُقدِّمه للأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران، محبةً ووفاءً لأحد أعلام ليبيا المعاصرين”.
تلاه كلمة رئيس اللجنة العلمية الدكتور نورني أحمد عبيريد والتي بارك فيها للمؤسسة، صاحبة سنة التقدير وفكرة الوفاء، وأشاد بالتنوع الثقافي لدى الدكتور محمد مسعود جبران، وأراءه العلمية التي أثارت مجموعة من القضايا والتساؤلات، التي تحفز على البحث وتنير سبل الدارسين.
كما قدر حضور العلماء الأفاضل، والأدباء، من خارج الدولة وتحملهم عناء السفر وإحساسهم بأهمية وضرورة التواصل الثقافي بين الأقطار الشقيقة.
ومن ثم كانت الكلمة للمهندس سالم رمضان وبعد ترحيبه بالحضور، أشاد بالأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران الذي أفنى حياته
في طلب العلم، والكتابة والتأليف، والتدريس داخل ليبيا وخارجها، والبحث العلمي، حيث قدّمت هذه القامة العلمية العشرات من المؤلفات، والبحوث العلمية في تاريخ ليبيا الثقافي، وتراث الغرب الإسلامي، والأدب الأندلسي، واللغة العربية، وفن التراجم، وقدّم للمكتبة الليبية روائع من الكتب سوف تبقى مراجع لعقودٍ طويلة.
واعتبر هذه الندوة التكريمية امتداداً لمسيرةِ الوفاء لأعلامنا المُبرَّزين، لنفاخر بهم وبانجازاتهم العظيمة، كما تفعل الدول التي تحترم مُبدعيها، وتُقدر نِتَاجهم.
وأعلن خلال كلمته عن انطلاق “مركز الشيخ الطاهر الزاوي للأبحاث والدراسات”،
ليكون مركزاً يهتمُ بالشأن الليبي في جميع تجليّاته، ويقوم بإعداد البحوث والدراسات الأكاديمية، وعَقْدِ الندوات، والمؤتمرات، وورش العمل، والمنتديات، وإصدار الدوريات، والكتب، والتقارير، واستشراف المستقبل، خدمةً للمجتمع الليبي.
كما جاءت كلمة الأستاذ الدكتور عبد الحميد عبد الله الهرامة -عميد كلية الدعوة الإسلامية، ونائب رئيس مجمع اللغة العربيّة بليبيا- لتسليط الضوء على الكتابة النثرية لدى الدكتور محمد جبران والتي قال فيها بأنها ” فن متكامل الجوانب استخدم فيه الترسل والسجع والحوار، وكان بكل ذلك يُخَيِر الألفاظ الرائعة ويختار فن روائع المعجم أحياناً، ما يبعثوه للحياة في سياق عصري ممزوج بأصالة التعبير وجاذبيته”.
وختام الجلسة الإفتتاحية كانت بكلمة الشخصية المحتفى بها الأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران، حيث تقدم بكلمات الشكر والتقدير لمؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي على هذه اللفتة المشرفة، وترحم في كلمته على روح العلاّمة الشيخ الطاهر أحمد الزاوي الذي تعلم من مسيرته المثلى.
كما عبر خلال كلمته عن دور والديه وزوجته في دعمه، وتشجيعه، وكذلك أثنى بسخاء على الأصدقاء والزملاء، العلماء الفضلاء، سواءً للذين أتوا من خارج ليبيا وتكبدوا عناء السفر، وكذلك من داخل ليبيا، ممن تشرف بحضورهم وشهادتهم وتزكيتهم، وبحوثهم العلمية، كذلك ذكر بالأسماء الزملاء في مجمع اللغة العربية وتقدم بأسمى كلمات الشكر والتقدير لهم ، وإلتمس العذر للّذين لم يتمكنوا من الحضور.
ولخص مسيرته العلمية من سنة 1968 إلى 2018، حيث بدأت كأستاذ في المدارس والجامعات الليبية، وخارج ليبيا في السنقال وتشاد ومالي وبوركينافاسو، وتحدث عن مشاركته في خدمة التراث الليبي والعربي الإسلامي، وخاصةً تراث الغرب الإسلامي. وعن مقالاته في الجرائد والصحف، ونشر أبحاثه في دوريات ليبية وعربية، وعن مؤلفاته التي أثرى بها المكتبة العربية، ومؤخراً وفي سنة 2018م، وبناءً على قرار المجلس الرئاسي فقد أصبح رئيساً لمجمع اللغة العربيّة.
ومن ثم كانت الكلمات للأساتذة والدكاترة الذين شاركوا بشهادتهم في حق الأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران، ودوره في التّعريف بالأدب الليبي، والمناحي الإبداعيّة في أعماله التاريخية والأدبيّة، وجهود الدكتور في فن التّراجم، وكذلك مشاركات لقراءة الأعمال غير المنشورة للأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران.
وخلال فعاليات الندوة التّكريميّة تم عرض منشورات مؤسسة الشيخ الطاهر الزاوي الخيرية، والتي كانت بجمع وتحرير الأستاذ محمود الغتمي، وكذلك الإصدار الأول لمجلة الشيخ الطاهر الزاوي الخيرية، وكتب الأستاذ الدكتور محمد جبران.
وتبقى المسيرة العلمية للأستاذ الدكتور محمد مسعود جبران غيضاً من فيض لحياة هذا العَلَم المحتفى به، والمعدود من أعلام ليبيا وأقطار المغرب الكبير.